vendredi 1 novembre 2013

قصة التأريخ الهجري


التأريخ الهجري
باسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على أشرف المرسلين أما بعد:
كان الناس يؤرخون عبر غابر الأزمان بالأحداث المشهورة لديهم، فالفرس مثلا كانوا يؤرخون بتولي ملوكهم، فكلما تولى ملك جديد فيبدؤون يؤرخون منذ توليهم. و كانت الروم تؤرخ بغزوات إسكندر المقدوني و كانوا يؤرخون بميلاده.
و كذلك العرب كان لديهم مثل هذا التأريخ؛ كالتأريخ  لمولد النبي صلى الله عليه و سلم بحادثة عام الفيل.
و لم يكن بعد وفاة الرسول صلى الله عليه و سلم تأريخ محدد في حياته صلى الله عليه و سلم، و إنما كانوا يؤرخون بالأحداث المشهورة لديهم، فيقال قبل غزوة أحد بكذا و قبل غزوة الخندق بكذا ...
فلما كانت خلافة الراشد عمر ابن الخطاب رضي الله عنه الذي فتح على يده الكثير من البلدان، صار يولى على كل بلد صحابي رضوان الله عليه، فترد على عمر ابن الحطاب رضي الله عنه كتب من شتى البلدان بتواريخ مختلفة. ثم راسل أبو موسى الأشعري عمر رضي الله عنهما: "يا أمير المومنين إنه يصل إلينا منك كتب فيها شهر كذا و كذا، و نحن لا ندري أي شهر تعني". عندها جمع عمر رضي الله عنه الصحابة الكرام و فيهم اهل بدر و فيهم الحكماء و العقلاء و العلماء و طلب منهم أن يتفقوا على تاريخ يجتمعون عليه.
و منهم من اقترح التأريخ بأعظم حدث ألا و هو مبعث رسول الله صلى الله عليه و سلم، فقال بعضهم يا أمير المومنين أرخ بتأريخ الفرس، و قال بعضهم أرخ بتأريخ الروم.
و في الأخير عرض عمر رضي الله عنه عليهم بين أن يؤرخوا من مولد النبي صلى الله عليه و سلم أو من مبعثه عليه الصلاة و السلام أو  من هجرته أو من وفاته عليه الصلاة و السلام. فأشار عليه عثمان و أشار عليه علي رضي الله عنهما و أشار عليه عدد كبير من الصحابة بأن يؤرخوا بهجرة رسول الله صلى الله عليه و سلم.
و هكذا أصبح المسلمون يؤرخون بالتاريخ الهجري منذ متم ألف سنة تقريبا، حتى كان قبل مئتي سنة تحديدا لما احتاج السلطان العثماني إلى تحديث و تطوير الجيش فراسل كل من فرنسا و إنجلترا و بلجيكا في أن يمدوه بخبراء و بعض الأسلحة، فاشترطوا عليه أن يلغي التاريخ الهجري فأبى في البداية، لاكن اضطر بعد ذلك و وافق، فأقبلوا إليه  فساعدوه.
و كذلك بالنسبة إلى مصر لما احتاجت ذهبا كي تفتح قناة السويس، راسلت هته الدول الغربية، فاشترطت عليها ستة شروط من بينها إلغاء التاريخ الهجري فوافقت.
و ذلك أن هته الدول تعي جيدا خطورة وحدة الأمة الإسلامية و تأريخها بتاريخ موحد فسعوا جميعا إلى أن يلغوا هذا التاريخ.
و بالفعل قد أصابوا هدفهم، إذ الكثير من الناس لا يعلم التاريخ الهجري الذي نحن فيه في حين يعلم جيدا التاريخ الهجري. و الكثير أيضا و أنا متأكد أنه لا يعلم أننا على أبواب حلول السنة الهجرية الجديدة.
فلنعد لديننا مردا جميلا، و لنحيي هته السنة الجديدة بالقراءة عن رسولنا الحبيب صلى الله عليه و سلم و نعلم سيرته لأولادنا و أحفادنا.