البرمجة اللغوية العصبية والتغيير الايجابي
- مقــــــدمة:
قولة لحكيم مجهول على فراش
الموت: لما كنت شابا صغيرا لم تكن لمخيلتي حدود، كنت أحلم في تغيير العالم، وكلما ازددت
سنا وحكمة كنت أكتشف أن العالم لا يتغير، ولدا قللت من طموحي إلى حد ما،وقررت
تغيير بلدي لا أكثر.
إلا أن بلدي هي الأخرى بدت
وكأنها باقية على ما هي عليه، وحينما دخلت مرحلة الشيخوخة حاولت – في محاولة يائسة
أخيرة – تغيير عائلتي ومن كانوا أقرب الناس لي، ولكن باءت محاولتي بالفشل.
واليوم .... وأنا على فراش
الموت، أدركت فجأة كل ما هو في الأمر .... ليتني غيرت داتي بادئ الأمر، ثم بعد دلك
حاولت تغيير عائلتي، ثم بإلهام وتشجيع منها. ربما كنت قد أقدمت على تطوير بلدي، ومن يدري ربما كنت استطعت أخيرا تغيير العالم برمته.
من هده القولة المؤثرة نستخلص
الحكمة "غير نفسك للأحسن قبل أن تفكر في تغيير الأخر، واستفد من أخطائك كل
يوم لتستنبط منها الحكم، ثم تعلم من أخطاء
الآخرين، حيث إنك لن تعش ما يكفيك من العمر، كي ترتكبها كلها بنفسك"
ويقول الله تبارك وتعالى:
"إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"
فالتغيير هنا يحدث بإرادة
الله عز وجل ولكنه لا يأذن للتغيير حتى يغير العبد ما بنفسه أي حتى يغير أفكاره
ومعتقداته وبعي بأخطائه ونواقصه ثم يقرر وبكل حزم تغيير نفسه إلى ما ترضى به نفسه
من المحاسن.
وحتى نناقش التغيير ودوافعه
يجب علينا فهم بعض خبايا سلوكات الإنسان ونفسياته. ونبدأ بحول الله تعالى بفهم
معنى البرمجة اللغوية العصبية.
- البرمجة اللغوية العصبية: هو علم حديث يقوم بدراسة فن الاتصال بالعالم الداخلي والخارجي وبالتالي تقوم ببحث دؤوب عن كيفية التعامل مع نفسك ومن ثم الأخربن.
فالبرمجة: تشير إلى أفكارنا
وتصرفاتنا، حيث إنه من الممكن استبدال البرامج المألوفة بأخرى جديدة وإيجابية.
أما اللغوية: المقدرة
الطبيعية على استخدام اللغة الملفوظة أو غير الملفوظة. والملفوظة تشير إلى كبفية
عكس كلمات معنية ومجموعات من الكلمات لكلمتنا الذهنية.... وغير الملفوظة ......."بلغة
الصمت" لغة الوضعيات والحركات والعادات التي تكشف عن أساليبنا الفكرية
ومعتقداتنا.
في حين أن العصبية: تشير إلى
جهازنا العصبي وهو سبيل حواسنا الخمس التي من خلالها نرى، ونسمع، ونشعر، ونتدوق،
ونشم.
وبهدا التعريف المفصل يمكن صياغة
البرمجة اللغوية العصبية في كونها هي إعادة البرمجة لقدراتنا في عالم الحوار
والتواصل مع النفس ومع الاخر من برمجة سلبية مكتسبة إلى أخرى إيجابية تساعدنا على
فهم الأشياء والتفاعل معها بشكل إيجابي مما يعود بالنفع على جهازنا العصبي (70%
من الأمراض التي يصاب بها الأنسان هي نتيجة لأحاسيس سلبية تتراكم بتراكم تجارب جريحة في حياتنا
اليومية).
إدن لنقوم بتغيير إيجابي في
حياتنا يجب أن نفهم بشكل واضح ما يجري في عقولنا. وهنا نقوم بشرح العقل الباطن
والعقل الواعي.
- العقل الباطن: عقلك الباطن هو الجزء من عقلك الدي يخزن معتقداتك، تجاربك الماضية، مواهبك، كل المواقف التي واجهتها وكل الصور التي رأيتها في حياتك. أفضل مثال لفهمه هو تعلم القيادة، ففي البداية تكون واعي تماما بكل ما يحدث حولك أثناء القيادة ودلك لانك تقود بعقلك الواعي، بعد عدة أسابيع، تجد نفسك تقود أتوماتيكيا بدون أي تفكير في حركة ما كنت تعمل سابقا لأنك أصبحت تقود باستخدام عقلك الباطن الدي خزن مهارة القيادة وأصبح يستخدمها عند اللازم.
وعقلك الباطن مسؤول عن مشاعرك
أيضا فهو المسؤول عن كل تلك المشاعر التي تطلق فجأة، فمثلا شعورك بالقلق قبل عرضك
لموضوع على الملأ أو خوفك من حيوان معين مسؤول عنه عقلك الباطن. على الصعيد الاخر:
- العقل الواعي: مسؤول عن كل الأشياء التي تقوم بها وأنت واعي مثل الحساب، التفكير والحركة، فمثلا التنفس يتحكم في عقلك اللاواعي لإنه لأنه يحدث دون تدخل منك، ولكن إدا تدخلت وقمت بالتحكم في أنفاسك فحينها يكو عقلك الواعي هو المتحكم.
إدن فالعقل الباطن هو كل ما
قامت به داكرتك من حفظ للتجارب والخبرات السابقة وكل ما تعلمته من عادات وسلوك في
السابق (أكثر من 90% من شخصية الانسان تتكون في
6سنين الأولى) حتى يصبح سلوكك وكلامك رهين بما اكتسبته من معتقدات واداب سابقة في
حين أن العقل الواعي يتحكم في كل ما تفعله بحضور وعيك.
إدن في رحلتنا نحو تغيير
دواتنا يجب الاحساس بالدات أولا فيقول "لاوتسو": "من يعرف الاخرين
حكيما، ومن يعرف داته منيرا"
فأول خطوة هي دراسة أعمالك
وردود فعلك والقيام بتطوير وترقية قدرتك على تفسير أفعالك وتعليلها، وكدلك ما يحدث
لجسمك حينما تفعل. لكل هدا علاقة بالإحساس الكامل للدات مثلا فالشخص الدي إعتاد
الأكل بسرعة عليه أن يعي أن تلك العادة ليست صحية والخطوة الأولى نحو التغيير هي
أن يعي أن تلك العادة فعلا سيئة والتحقق من وجودها ثم الأكل ببطئ والمضغ جيدا
للاستمتاع بالطعام.
وهنا نرسي أربع مراحل للتعلم
وتغيير النفس إلى الأحسن:
المرحلة الأولى: شخص غير كفئ
لا واعي (لا تعي ما تجهله)
مثل الطفل الصغير الدي يريد
ركوب الدراجة لأول مرة لإنه رأى الاخرين يفعلون دلك وهو لايعي أنه لا يجيد الركوب.
وفي مجال الإتصال لا يدري البعض أن لديهم تصرفات سلبية تمنعهم من بناء علاقات
جيدة.
المرحلة الثانية: شخص غير كفئ
واعي: تعي أنك لا تعرف:
فالطفل عندما يحاول الركوب ثم
تسقط من فوق الدراجة يعي أخيرا أنه لا يجيد ركوب الدراجة وكدلك من يتجدث كثيرا عن
نفسه وقلة الابتسامة ... كلها أشياء تعيق إقامة العلاقات الطيبة مع الاخرين
وبالتالي يجب معرفتها حتى نصبح أدرى بعيوبنا لتصحيحها "إدراك جهلك خطوة كبيرة
في إتجاه المعرفة"
المرحلة الثالثة: شخص كفئ
واعي: تعرف كيف تفعل الشيء:
فالطفل يصغي إلى نصائح أبيه
عن كيفية إمساك المقود والقيادة حتى يصبح كفئا ويحقق داته فوق الدراجة. ونفس الشيء
عند المثرثرون يقررون عمل ما هو ضروري لتحسين سلوكهم والاستماع أكثر من التكلم.
المرحلة الرابعة: شخص كفئ لا
واعي: تؤدي الشيء تلقائيا:
فعندما تتمرس على الشيء يوميا
يصبح مخزنا في اللواعي وتقوم به تلقائيا عند الحاجة.
يقول الإمام الشافعي رضي الله
عنه "بدل الأوطان وطنا غيره وسافر ففي الأسفار 5فوائد: تفريج هم واكتساب
معيشة وعلم واداب وصحبة ماجد"
فإن كان لتغيير مكان واحد
يجني المرئ من خلاله خمس فوائد لمادا لا يقدم المرئ على التغيير؟
في حدث شريف للرسول صلى الله
عليه وسلم أنه دخل يوما على يعاني الحمة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم
"طهور إن شاء الله" فأجابه الشيخ "بل هي حمى تفور على شيخ عجوز
تولجه القبور" فأجابه الرسول صلى الله عليه وسلم"هي كدلك". فمات
الشيخ الشيخ بعد خروجه صلى الله عليه وسلم.
من الحديث نستنبط أن المئ له
ما يعتقده. فكل شخص يعتقد بشيء ما يبرمج داته على التفاعل مع هدا المعتقد ويجعل
حواسه تتماشى معه وتستجيب مناعته له ويسخر طاقته المتدفقة لتحقيقه ولا تكون
النتيجة إلا ما كنت تطمح إليه وتعتقده.
"تخيل نفسك مثلا دخلت
إلى مطعم فخم حيث النظافة وحسن الخدمة وكل شيء مرتب وجميل إلا أن الطابق لم يكن
لديدا فهنا إما أن تدخر كل طاقتك وأحاسيسك على الطابق وتقوم بتحويل إهتمامك اتجاهه
فتحول المكان إلى دكرى مأساوية فتقرر عدم العودة إلى المطعم أو أن لا تأبه بطعمه
فتطلب من النادل تغييره لك فتستمر في الانخراط في الجو الجميل وتستمتع بأمسية
جميلة تبعث في قلبك الفرحة والطمأنينة"
" لا تدع تجاربك الماضية
تولد لديك أحاسيس في الحاضر فتؤثر عليك لتنتج أفكار متشائمة بشأن المستقبل"
فالاعتقاد إدن طاقة خطيرة
يمكن أن تشتغل معنا أو ضدنا، فحين تفكر أنك يمكن أن تحقق هدفك وتؤمن بهذا المعتقد
تسخر كل طاقتك لتحصيله فلا ترضى إلا بتحقيقه بالنهاية. مثال: إسرائيل والعرب: قوة
الأعتقاد عند الاسرائليين.
" راقب أفكارك فهي تولد
الأحاسيس وراقب أحاسيسك فستولد لديك السلوك وراقب سلوكك فستشكل طباعك ورافب طباعك
لأنها ستحدد مصيرك"